ما أن وهن منه العظم،واحدودب الظهر،واشتعل رأسه شيبا،حتى بدا له الحال، كما لو أن قطار عمره، فيما تبقى له،من مسيرته المثقلة بالتطلعات والآلام معا،قد بدأت تتثاقل خطاه،بعد أن أعيته الحركة بتوالي السنين.. حادسا انه سيتوقف به في لحظة ما،في ساحة النسيان..ليطرحه جسدا خاويا،على حافاتها المقفرة،من دون قدرة على حراك.وقد تتمادى عليه،جدودها العواثر،فتتجاسر عليه بنات آوى،قبل ضباعها النمسة،لتنهشه بقسوة على رسلها،في دهاليز شعابها المهجورة،من دون أن تشعر بأدنى حرج،غير آبهة من أنه كان يوما ما جوابها الصياد،التي كانت كواسرها تهاب إزعاجه،حتى عندما تلفيه وسنانا قرب مغاورها،يترقب خروجها للقنص،أو النزهة بالمطاردة..تنهد عندها بعمق،متمتما مع نفسه همسا،انه لن يقبل إذن،أن يرثيه قطار عمره المتثاقل الخطى،إلا بأعلى صوت منبهه،عنوانا شامخا،يتصدر بكبرياء،كل مرموزات القوم..لا أن يبكيه أطلالا دارسة،على قارعة سكة متهرئة،تضيق بها ذرعا ذاكرة الاستحضار،عندما لا تتجلى لها في لحظتها المناسبة،موازين القيم،لإنزال الناس منازلهم
[center]