أزمتي مع المسافات ..
كانت أزمتي الكبيرة وأنا أتعلم قيادة السيارة تقدير المسافات .. المسافات ما بيني
وبين السيارة القادمة .. بيني وبين السيارة التي تمر بجواري .. كان أمراً مزعجاً جداً بالنسبة لي ..
ويا ويلي وقد ساقتني أقداري أن أكون عابراً لمسافة ضيقة فوقتها أشعر بأن روحي ستخرج من جسدي .
أمرٌ مزعج لا شك .. وهمني الأمر وغمني وشغلني كيف أتجاوزها ؟! ..
ويا ويلي وأنا أمر بين سيارتين ، إنه شعور من يسير على الحبال ..
كانت أزمتي حقاً .. ولهذا أخذت أحادثها وأناجيها وأطلب صداقتها .. أيتها المسافات ترفقي بى .
وأستعنت بربي عليها .. وقد كان ، فقد أعانني ربي عليها .. وزالت غُمتي ورفع همي
وصارت المسافات فكرة ليست بالكبيرة في حياتي .. تجاوزتها بفضل ربي عليّ
ولله الحمد والمنة والفضل .. ولكن وجدت عقلي وقلبي ينتقل إلى مسافة أخرى في حياتي ..
قد لا تشغلني كثيراً على خطورتها وعظمها .. مسافة ما بيني وبين أخطر حادثة تمر بي ..
ما بيني وبين الموت .. لم تشغلني هذه المسافة إلا قليل على خطورتها ..
قد تكون المسافة كبيرة وعظيمة وقد تكون صغيرة وقصيرة .. نعم اعترف أسأل الله أن يغفر لي .
اذكر صديقى وهو يحكى عن أم صاحبه وقد أيقظتهم في صباح يوم جمعة ليتناولوا
طعام الإفطار سوياً .. ونزلت لدقائق ، لتشترى طعام الإفطار ، وجلسوا ينتظرونها وقد أعدوا العدة
لوجبة شهية تجتمع الأسرة عليها ولكن كانت المفاجأة التي أذهلت الجميع ..
فقد دق صوت الهاتف ليخبرهم بالخبر الذي ربما يكون أسوأ خبر يسمعوه في حياتهم ..
لقد صدمتها أحد السيارات وماتت ....نعم صدقني ماتت .. لقد كانت المسافة صغيرة
رغم عدم الانتباه لها .. لم يعدوا العدة لها .. هذا هو الموت
( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَة ٍ) سورة النساء:78..
الرجل كان يحاضر فى مجلس علم في أحد المساجد وسقط بعد ما فاضت روحه وسط مستمعيه
وهم يكبّرون فرحين بنهاية شيخهم الذي يحبونه ..
واللاعب .. سقط ميتاً ولكنه أثناء المباراة وسط مشاهديه .. فلم يمهله قدره حتى تنتهى المباراة
( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) .. مات .. نعم مات ..
رباه إنها مسافة صغيرة جداَ بيننا وبين الموت فلم نغفل عنها ؟
ولأنه لم يرى هذه المسافة أصلاً .. قال وهو في سكرات الموت وروحه تفيض وصاحبه يذكره
بالشهادة لتكون خاتمته قال : ( إنى أكره الله – استغفر الله العظيم -)..أتعرف لماذا أيها الحبيب ؟!
لقد كان خارجاً إلى رحلة يلهو ويعبث ويستمتع بكل ما يصل إليه من حرام .. ولكنه سقط ..
سقط قبل أن يصل إلى ما كان يتمناه .. مات المسكين دونما أن يرى هذه المسافة الصغيرة
بينه وبين هادم اللذات ومفرق الجماعات ..
أما هؤلاء الصالحون فلأنهم كانوا يروا هذه المسافة بشكل كبير .. ويضعونها في حساباتهم
كان شعورهم غير ما سبق مما رأينا من هذا الشاب المسكين .. فترى أحدهم يقول وهو على
فراش الموت:- ( واطرَبَاه!! غدًا نلقى الأحبة محمدًا وحزبه )
وآخر يقول:- ( مرحبًا بالموت؟ )
وثالث يقول :- ( اللهم إني إليك لمشتاق ) ..
م / ن