هَلْ
هُوَ عَلَى الْغَسْلِ أَوْ عَلَى الْمَسْحِ؟ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
بِعَقِبِ مَا تَلَوْنَا فِي صَدْرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ:
{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي
قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ وَفِيمَا رَدُّوهُ إِلَيْهِ مِمَّا قَبْلَهُ،
فَقِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ: " وَأَرْجُلِكُمْ " بِالْكَسْرِ وَرَدُّوهُ
إِلَى قَوْلِهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، وَذَهَبُوا إِلَى
أَنَّ اللَّازِمَ فِي الرِّجْلَيْنِ هُوَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا
لَاغَسْلُهُمَا، فَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى الْحَسَنُ
الْبَصْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ.
30-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَرَأَ:
" وَأَرْجُلِكُمْ ".
31-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ
بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " نَزَلَ
الْقُرْآنُ بِالْمَسْحِ وَالسُّنَّةُ بِالْغَسْلِ ".
32-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: " وَأَرْجُلِكُمْ " وَرَوَوْا فِي
ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَا:
33-
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ
خَيْرَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ
عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ، وَقَالَ: " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لَكَانَ بَاطِنُ
الْقَدَمِ أَحَقَّ مِنْ ظَاهِرِهِ ".
34-
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ،
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
دَخَلَ عَلَيَّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَرَاقَ الْمَاءَ، فَدَعَا
بِوُضُوءٍ، فَجِئْنَاهُ بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ
عَبَّاسٍ، " أَلَا أَتَوَضَّأُ لَكَ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قُلْتُ: بَلَى، فِدَاكَ
أَبِي وَأُمِّي فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ
بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حِفْنَةً مِمَّا فَضَلَ بِهِمَا عَلَى قَدَمِهِ، وَفِي
الْيُسْرَى مِثْلُ ذَلِكَ ".
35-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ
بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهُمَامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ قَالَ: " إِنَّهُ لَا
تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى
الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
" وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ مِنَ النَّظَرِ بِالتَّيَمُّمِ، فَقَالُوا:
لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ
الْغَسْلَ، وَحُكْمُ الرَّأْسِ الْمَسْحَ بِإِجْمَاعٍ، وَكَانَ
التَّيَمُّمُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ الْمَغْسُولَيْنِ، وَكَانَ
مُرْتَفِعًا عَنِ الرَّأْسِ الْمَمْسُوحِ، كَانَ حُكْمُ الرِّجْلَيْنِ
بِحُكْمِ الرَّأْسِ أَشْبَهَ، إِذْ كَانَ مَا يُفْعَلُ بِهِمَا فِي
الْوُضُوءِ قَدْ سَقَطَ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا سَقَطَ عَنِ الرَّأْسِ مَا
كَانَ يُفْعَلُ بِهِ فِيهِ وَقَرَأَهُ آخَرُونَ: " وَأَرْجُلَكُمْ "
بِالنَّصْبِ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلِّمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ
عَبَّاس.
36-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زَرٍّ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ
مَسْعُودٍ قَرَأَ: " وَأَرْجُلَكُمْ ".
37-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هُشَيْمًا، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:
" وَأَرْجُلَكُمْ " وَقَالَ: عَادَ إِلَى الْغَسْلِ " وَرَوَوْا
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ
عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْهُ.
38-
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بِكَّارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرَةُ بْنُ
يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرَمَةُ
بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَالِمٍ مَوْلَى
الْمُهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تُنَادِي
عَبْدَ الرَّحْمَنِ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " وَيْلٌ
لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ".
39-
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقبَرِّيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ
ذَكَرَ مِثْلَهُ.
40-
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعْيمَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي
كُرَيْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدَمِ رَجُلٍ لُمْعَةً لَمْ
يَغْسِلْهَا، فَقَالَ: " وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ ".
41-
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ
مَاهِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ
سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا صَلَاةُ الْعَصْرِ
وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى
صَوْتِهِ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ "، مَرَّتَيْنِ أَوْ
ثَلَاثًا.
42-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ
جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ، عَنْ
أَبِي يَحْيَى الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا تَوَضَّئُوا
وَكَانُوا تَرَكُوا مِنْ أَرْجُلِهِمْ شَيْئًا، فَقَالَ: " وَيْلٌ
لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ ".
43-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
بْنُ رَجَاءٍ الْفَدَّانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ بْنُ
قُدَامَةَ، عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ، عَنْ أَبِي
يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، فَأَتَى عَلَى مَاءٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
وَحَضَرَتِ الْعَصْرُ، فَتَقَدَّمَ نَاسٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَقَدْ
تَوَضَّئُوا وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا مَاءٌ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ
لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ ".
44-
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي
سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
45-
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ،
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ
الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ ".
46-
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ النَّصْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا
حَيْوَةُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ
بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
قَالُوا: فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " وَالْأَعْقَابُ
فَغَيْرُ مَمْسُوحَةٍ فِي قَوْلِ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْمَسْحِ، كَمَا لَا
يُمْسَحُ مِنَ الْخُفَّيْنِ، وَكَمَا رُوِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ الْخَوْلَانِيِّ
الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ
الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ الْمَسْحِ قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لَهُمْ فِي
حَدِيثِ جَابِرٍ: " أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ " لِمَا تَرَكُوا مِنْ
أَرْجُلِهِمْ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرِّجْلَ تُوَضَّأُ، وَلَا
يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا الْغَسْلَ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: وَضَّأَ
فُلَانٌ رَأْسَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: وَضَّأَ وَجْهَهُ، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ
إِذَا غَسَلَهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ لِغَاسِلِ يَدَيْهِ قَبْلَ
الطَّعَامِ: تَوَضَّأَ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُ بَعْدَ الطَّعَامِ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَوَضَّئُوا
مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ "، قَالُوا: وَلَمَّا أَرَادَ مِنْهُمْ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمُومَ الرِّجْلَيْنِ
لِمَا يُفْضِلُونَهُ فِيهَا حَتَّى لَا تَبْقَى عَلَيْهِمْ مِنْهَا
لُمْعَةٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْغَسْلِ، لَا عَلَى الْمَسْحِ قَالُوا:
وَلَمَّا وَعَدَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى تَرْكِهِمْ مِقْدَارَ اللُّمْعَةِ مِنْهَا النَّارَ اسْتَحَالَ أَنْ
يَكُونَ ذَلِكَ الْوَعِيدُ إِلَّا فِي تَرْكِ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِمْ.
47-
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ
بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ شَرَحْبِيلَ بْنِ
السِّمْطِ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إِذَا
دَعَا الرَّجُلُ بِطَهُورِهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ سَقَطَتْ خَطَايَاهُ مِنْ
وَجْهِهِ وَأَطْرَافِ لِحْيَتِهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ سَقَطَتْ
خَطَايَاهُ مِنْ أَطْرَافِ أَنَامِلِهِ، فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ سَقَطَتْ
خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ
خَرَجَتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ بُطُونِ قَدَمَيْهِ ".
48-
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ
الزَّمْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ
السَّمَّانُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيَغْسِلُ
شَيْئًا مِنْ رِجْلَيْهِ إِلَّا خَرَجَ مَعَ قَطْرَةِ الْمَاءِ كُلُّ
سَيِّئَةٍ مَشَى بِهِمَا إِلَيْهَا ".
49-
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ
الْحَمِيدِ الْحُمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ
الْأَسْدِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ
عَبَّادٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا أَدْرِي كَمْ
حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجًا
أَوْ أَفْرَادًا: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ
الْوُضُوءَ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى ذَقْنِهِ،
ثُمَّ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ عَلَى مِرْفَقَيْهِ،
وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ الْمَاءُ مِنْ قِبَلِ كَعْبَيْهِ،
ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي إِلَّا غَفَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا
سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ "
قَالُوا:
فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ ذُكِرَ الثَّوَابُ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ،
وَلَوْ كَانَ فَرْضُهُمَا غَيْرَ الْغَسْلِ، إِذًا لَمَا كَانَ فِي
غَسْلِهِمَا ثَوَابٌ، أَلَا تَرَى مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ فِي وُضُوئِهِ لَمْ
يَكُنْ مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ كَانَ فَرْضُهُ فِيهِ غَيْرَ
الْغَسْلِ، فَلَوْ كَانَتِ الْقَدَمَانِ فِي الْمَسْحِ مِثْلَ الرَّأْسِ،
إِذًا لَمَا كَانَ غَاسِلُهُمَا مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، وَلَكَانَ
كَغَاسِلِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَعَارَضُوا أَهْلَ
الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ النَّظَرِ الَّذِي
احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَا الْجُنُبَ
الْوَاجِدَ لِلْمَاءِ، عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ بَدَنَهُ كُلَّهُ، فَإِذَا
فَقَدَ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ قَامَ
مَقَامَ الْغَسْلِ، وَلَمْ يَكُنْ سُقُوطُ التَّيَمُّمِ عَنْ سَائِرِ
الْبَدَنِ سِوَى الرَّجْلَيْنِ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْجُنُبِ فِي
حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ أَنْ يَمْسَحَ مَا سَقَطَ عَنْهُ التَّيَمُّمُ فِي
حَالِ عَدَمِ الْمَاءِ، فَكَانَتْ هَذِهِ مُعَارَضَةً صَحِيحَةً،
وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ،
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي
يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافَعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ
سِوَاهُمْ وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.
المصدر : كتاب احكام القرآن للطحاوي ..