نفحة ايمانية من تاريخ الموصل تطل على نهر دجلة العذب
كاتب الموضوع
رسالة
رافع الهويدي المشرف المتميز
النــقاط : 4998
موضوع: نفحة ايمانية من تاريخ الموصل تطل على نهر دجلة العذب 2012-01-23, 03:40
الضفة اليمنى لنهر دجلة في الموصل على مدار العام إليها، ففي الصيف يحل موسم السباحة في (شط الحصى) الذي يشكل لوحة نادرة ترسمها المياه الضحلة لحافة دجلة وأرضيتها مغطاة بالحصى وينعكس عليها لون السماء فيبدو المشهد في غاية السحر والجمال يختلط فيه الحصى بالزرقة الساطعة النازلة إليه على مياه صافية لا لون لها. وفي الشهور الأخرى نحمل كتبنا لندرس قرب المعالم الأثرية النائمة على ضفة دجلة.
أحد أشهر هذه المعالم هو مرقد يحيى القاسم الذي يقف مثل قبضة قوية تتحدى الزمن، ويطل على نهر دجلة من علوّه الملحوظ بين (قرة سراي) و (باشطابيا) كان هذا المرقد وما يزال موئلا للزيارات حيث تنشط فيه حركة دؤوب.
فلنعد إلى الماضي البعيد، إلى عام ( 627 هـ/ 1229م) أو قبله بقليل، فهو عام بنائه من قِبل بدر الدين لؤلؤ، وبعد هذا التاريخ تم تجديده في عام ( 719هـ/1319م) ليظل شاخصاً.. وعلى الرغم مما أصابه من تصدع ملحوظ ، فإن مرقد يحيى القاسم، يعد تحفة معمارية فنية فذة، تظهرها الغرفة المنخفضة شبه المربعة التي تعلوها قبة مقرنصة مغطاة بقبة أخرى مخروطية، وفي وسط الغرفة صندوق قبر من خشب الصاج، وفي ركنها الجنوبي الغربي محراب منزو، أما جدرانها الداخلية فهي مؤطرة بأفاريز من الزخارف النادرة التي تتوجها أشرطة كتابية منزلة بالجبس، هذه العناصر المعمارية الفنية علاوة على واجهة المزار الشمالية، مزخرفة بزخارف التوريق والزخارف الهندسية، وعلى البعض منها كتابات بخط الثلث وهي كتابات بارزة ومنزلة إلى جانبها كتابات فوقية تتضمن آيات من القرآن الكريم وعددا من الألقاب والأسماء.
ومزار يحيى أبو القاسم يقع وسط منطقة خصبة ترتوي بمياه دجلة وتتغطى في الربيع بأنواع النباتات والزهور، حيث تنساب إليه قوافل النساء الباحثات عن المراد والنذور والراحة، وعادة ما يقمن بوضع لمسة من الحناء على باب وشبابيك وجدران المزار.
وقد شهد هذا المعلم الديني الاثاري المهم عدة حملات لتجديده وترميمه في العهود المختلفة واخرها حملة الترميم في عام 1998 التي جسدت معالمه الاصلية من حيث التصميم المعماري والعناصر الفنية المنوعة ليظل كفا للإيمان على ضفة نهر الخلود والزلال الصافي، وملاذا للراحة والإيمان والهدوء، تترنم فيه الطيور والابتهالات، وتأتيه همسات النساء والصبايا من مياه (عين كبريت) القريبة منه والشافية من الأمراض
نفحة ايمانية من تاريخ الموصل تطل على نهر دجلة العذب